افرحوا في الربّ كل حين ( فيلبي 4: 4)

 من يشاهد التلفاز يرَ الشبان والشابات يرقصون فرحاً، يتسلقون الجبال نحو القمم رغم المخاطر. ويقوم المغامرون بجولة حول الأرض بالمناطيد الضخمة. فالإنسان يحاول جاهداً أن يملأ الفراغ الذي في نفسه بأنشطة متنوعة وبجهوده الخاصة. هناك فئة أخرى تقوم بجمع الأموال لتتمتع  بالرفاهية، لتنسى الهموم والمشاكل، وتقترف الخطايا دون مبالاة. نجد آخرين يئنون من الظلم الواقع عليهم، متوعدين بالانتقام  بتفجير أنفسهم  لفداء أمتهم. أقلاء من الناس يرجعون بخشوع إلى الله سائلين إياه " ماذا نفعل لكي نخلص؟ ماذا تريد أن نفعل أو نجتنب؟ " فلولا رحمة الله لما تجرأ منسحقو القلب أن يرفعوا  أعينهم نحو السماء، ويتكلموا مع الخالق القدوس. كثير من الناس هائمون على أنفسهم متخبطون في يأسهم، لا هدف ولا رجاء لهم في هذه الحياة، فهل لهؤلاء البؤساء أملٌ في  بؤسهم؟ أم نسرع جميعنا نحو حرب نووية تفني ثلث سكان الأرض؟

سمع النبي نَحميا صوت الوحي في وسط همومه وأحزانه،  جوابا على صلواته: "لا تحزنوا لان فرح الرب هو قوتكم" (نحميا 8: 10). ارفع قلبك إلى الرب الحي، لأنه الوحيد المانح الراحة والرجاء والاطمئنان. ما هي التعزية الكبرى التي استلمها المبصر بإيمانه؟ إن الرب ممتلئ فرحا وسرورا!  لم يجلس مثل بوذا مبتسما وضاربا بشقاء الشعوب عرض الحائط، دون أن يمنحهم سلاما  وخلاصا، كلا، إن إلهنا هو مفعم بالمسرة والابتهاج، إذ قرر في نفسه خطة الخلاص للبشر. يعرف العليم أن الجميع ليس بصالح بل فسدوا، ولا يقدر أحد أن يُصلح نفسه، ولا أن يملأ الفراغ الذي في قلبه بالسلام  والسرور. رغب الرب في تجديد الخطاة على الأرض، وأن يمنح لوجودنا معنى ورجاء. فلا تنسَ أن مسرة الله هي قوتك، فمَن يتب إليه يستمدّ منه قوة  وتعزية  وشجاعة. الرب وحده يأتي بالخلاص، ومملكته الروحية قد اقتربت. انقشع الليل من فوق تلال بيت لحم، عندما ظهر ملاك الرب في بهائه البراق فوق رؤوس الرعاة الساهرين على قطيعهم. سقط الحراس أرضا من شدة الفزع، عندما أبرق نور السماء من حولهم. ظنوا أن يوم الدين قد حلَ بدون سابق إعلان فخافوا خوفا عظيما،إذ استيقظت، وظهرت خطاياهم القديمة أمام أعينهم، فتمنّوا أن يهربوا من الدينونة، لكنهم لم يستطيعوا، إذ بهاء الرب اخترقهم. إن الملاك الذي ظهر لهم لم يوبخهم أو يرهبهم بل أمرهم:"لا تخافوا. فها أنا أبشركم بفرح عظيم يكون لجميع الشعب، أنه وُلد لكم اليوم في مدينة داود مخلص هو المسيح الرب" (لوقا2: 8-11).

أزال ملاك الرب بهذا المظهر العظيم، الستارة على عصر جديد، عصر المسرّة والفرح. ابتدأت خطة خلاص الله تتحقق، ودعا الملاك الشعوب  أن  يغرفوا  من  نهر الفرح  والسلام المتدفق من الله. لم يفتح الرب باب الخلاص للأتقياء والصالحين فحسب، بل للأشرار والفاسدين أيضا. لم يوجه الملاك الدعوة للعلماء والحكماء فقط، بل اختار معهم الأمّيينَ والجهلاء ليكسبوا قبساً من معرفة الرب. ما كان  هذا الامتياز مرخصا للرجال وحدهم، بل أيضا للنساء والأولاد كما للمتعبين والمرضى،  لهؤلاء كلهم أتى فرح الرب. فلماذا دعا ملاك الرب الجميع أن يفرحوا؟ لان المخلص والمنجّي قد حضر َوابتداء عمله الخلاصي. وللأسف الشديد، رفضت الأكثرية من شعبه رئيس السلام. لم يكونوا مستعدين لتغيير أذهانهم، بل كانت غايتهم السلطة والمال والجاه، أرادوا أن يستخدموا أسلحة فتاكة، وينتصروا على الأعداء، ليكون لهم الحكم الشامل.

أما المسيح فجمع التائبين الذين رجعوا إلى الله. شفى كل المرضى الذين تقدموا إليه، غَفرَ خطاياهم، طرد الشياطين من الملبوسين، هدَّأ العاصفة، أشبع مستمعيه الجائعين، أكد لهم: " كلمتكم بهذا، لكي يثبت فرحي فيكم، ويُكمَل فرحكم"( يوحنا 15: 11؛16: 24). أثبت المسيح هذا السرّ في صلاته الشفاعية، معلنا هدف إنجيله، ليكونَ فرحَهُ الخاص كاملا فينا(يوحنا17: 13). لم يقدم ابن مريم محبته لأتباعه وحدهم، بل  أيضا لمعارضيه و لخُصُومه، و رفع خطيئتهم وذنوبهم على قلبه، وكفَّر عن آثامهم. قد صالحنا المسيح بكفارته مع القدوس، لذلك أصبح  للمسيح  سلطان  أن  يغفر ذنوب  الذين قبلوا نعمته وتبريره، و ينشئ فيهم رجاءً أبدياً. لما ارتفع ابن مريم إلى الله، سكب الروح القدس على كل البشر(أعمال الرسل 2: 16-22). فمن يندم عل ذنوبه، ويتحد بالإيمان مع المسيح  يستلم روح المحبة والفرح والسلام مع الصبر والعفة (غلاطية 5: 22).  يبتدئ التجديد في حياة  المؤمنين من  خلال  ولادتهم الثانية من روح الله. فالحزانى يتعزون، واليائسون يحصلون على الرجاء، والأشرار يصبحون صالحين، والسائرون نحو الموت ينالون الحياة الأبدية. فمنذ أن صالحنا المسيح مع الله جرت قوته البناءة إلى البشرية بغزارة ولطف. كتب الرسول بولس، من خلال اختباره الروحي: "افرحوا في الرب كل حين، وأقول أيضا  افرحوا" (فيلبي4: 4). من يرتكز في محبة الرب الحي، ويقرأ كلماته ويحفظها، تثبت فيه مسرّة الله. كان المسيح يُشدد على هذه الحقيقة الروحية، إذ بشر أتباعه :

 

افرحوا لأن أسماءكم كتبت في السماوات (لوقا10: 20).

أيها القارئ العزيز... هل تعيش وحيدا منبوذا؟ أم تحيى مع المسيح الحي وتثبت فيه؟ من يتعلق برجل محبة الله، يشترك في قوته وفرحه. ارتبط بإيمانك بالمسيح، فتحلّ بهجة سماوية في قلبك وسط هذا العالم الملحد.

 

هل تريد أن تثبت في فرح الرب؟

نحن على استعداد أن نرسل لك الإنجيل الذي يحتوي على بشرى الخلاص مع التأملات والإرشادات، لتجد فيه ينبوع قوة الله المنعشة. اقرأ الكتاب المقدس وصل يوميا، فيرشدك الرب إلى سبل بره.

 

وزع سرور الرب بين أصدقائك

إن أعجبك هذا المنشور وتريد أن تسلمه إلى اليائسين والضالين، فنحن على استعداد أن نرسل لك نسخا من هذه النبذة، شرط أن تسلمها لمن يبحث عن الفرح. نحن في انتظار رسالتك، ولا تنس أن تكتب عنوانك الكامل بخط واضح. نصلي ليكمل فيك فرح الرب.

الحياة الفضلى

ص ب 226- مزرعة يشوع - المتن - لبنان

E-mail: family@hayatfudla.org

www.hayatfudla.org