سَلامٌ لكُمْ

نعيش في أيام تُمْطر القنابل من السماء وتتسرب الجراثيم المُمِيتةَ من جدران المكاتب وينهار الاقتصاد تدريجيا ويَعُمّ  الجوع والخوف واليأس فيشتاق الإنسان إلى السلام والوئام والإنسانية. أمّا المسيح فحذرَنا من حقيقة المستقبل وقال: سوف تسمعون بحروب وأخبار حروب. انظروا، لا ترتاعوا لان لا بد أن تكون هذه كلها (متى 24: 6). وأبصر الرسول يوحنا في رؤيته أن رب العالمين سمح بأن يُنزَع السلام من الأرض وأن يقتل بعضهُم بعضا بلا خجل (رؤيا6: 3). وكتب قبل ألفين وسبعمائة سنة النبي إشعياء الآية المرعبة: لا سلام، قال الرب، للأشرار(إشعياء27:48؛21:57؛إرميا12:12).

 

من هم الأشرار؟

يظن أكثرية الرجال والنساء أنهم أحسن وأذكي وأرقي من الناس الذين حولهم، ويتخيّل البعض أن حسناتهم تذهِب سيئاتهُم، وأن كفة الميزان في يوم الدين تتأرجح لهم. فهم يَغترّون! كل من يُقِيس نفسه بكمال الله ورحمته القدوسة، يَظهر أنانياً نجساً ومراياً متكبراً. يجتاز الإنسان وصايا ربه بلا مبالاة. وقد أخطأ البشر من بدايتهم كما نقرأ: ورأى الرب أن شرّ الإنسان قد كثر في الأرض وأن كل تصور أفكار قلبه إنما هو شريرٌ كل يوم(تكوين6: 5). وصرخ النبي داود:" الكل زاغوا معاً، فسدوا. ليس من يعمل صلاحاً، ليس و لا واحد" (مزمور14: 3؛ رومية10:3-12). ويمارسون اليوم الشرّ علانية بلا خجل، وبدون ندامة. نعيش وسط فساد سَدوم وعَمورَا، ويستحق كل القارات غضب الله، لان الله يقاوم المستكبرين وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة.

 

السلام من الله

أوحى الرب الرحيم للنبي إشعياء، أنه سيولد عجيباً مشيراً ورئيس السلام، وليس لملكه نهاية ( إشعياء9: 6-7). وعندما وُلد إبن مريم في بيت لحم ابتهجت الملائكة وغنت بفرحٍ: المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام بناس المسرة (لوقا2: 14) وللأسف،  قليلون  ينفتحون  لسلام الله و لمسرته الحنونة. ولكن من يقبل وعده ويؤمن به يحلُّ سلام الله السرمدي في قلبه. ولما قام المسيح من بين الأموات وظهر لتلاميذه المرتعبين حياهم مرتين وقال: " سَلامٌ  لكُمْ ". قدم لهم إبن مريم بهذه التحية السلام مع الله الذي أنشأه بكفارته حسب النبوة الشهيرة: لكن أحزاننا حملها وأوجاعنا تحمّلها. ونحن حسبناه مصاباً ومضروباً من الله ومذلولاً. وهو مجروح لأجل معاصينا ، مسحوق لأجل آثامنا. تأديب سلامنا عليه وبحبره شفينا. كلنا كغنم ضللنا. مِلنا كل واحد إلى طريقه. والربّ وضع عليه إثمَ جميعنا(إشعياء53: 4-6) قد صالحنا المسيح مع الله بواسطة نيابته الرحيمة واقتنى لنا سلام  الله ومسرته. لا يُجبركَ إبن مريم أن تقبل سلامه الروحي، ولا يُرغمهُ عليك فرضاً، بل يعرض سلامه لك، لكي تستلمه طوعاً وتأخذ امتيازك بالحمد والشكر.

 

قبول السَلام

كان المسيح يُشجّّع أتباعه بآياته: سلام أترك لكم. سلامي أعطيكم، ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا، لا تطرب قلوبكم ولا ترْهَب(يوحنا14: 27). يَهبُ رئيس السلام سلامهُ الروحي الذي يسكن فيه، لكل من يثق بكلمته. ومن ينال روح السلام يتغير ويصبح "ابن السلام" أو "بنت السلام". وأثبت الرسول بولس من اختباراته الخاصة هذا السرّ الواقعي: إذ قد تبرّرنا بالإيمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح (رومية5: 1). حصل جماهير من طالبي الحق روح السلام، الحالّ في قلوبهم، لذاك نشجّعُكَ أن تطلب من الله تحقيق وعده فيك على أساس كفارة المسيح، إذ يَهبُ سلامه إلى من يُؤمِن بإعلاناته ويستمدُّ منه الموهبة الموعودة. يُأكد فيكَ روح السلام تطهير ضميرك من كل الأكاذيب والنجاسات، ويمحنك يقين غفران ذنوبك لأجل كفارة المسيح. ولا يحلّ هذا الروح المبارك فيك إلا لأجل مُصَالحتك مع الله في المسيح، الذي جعلك مستحقاً أن تستلم سلامه الأبدي.

 

طوبى لصانعي السلام

يُنمِي الروح القدس فيك المحبة الطاهرة والفرح الإلهي والسلام الأبدي واللطف الحليم والتأنّي والصلاح والأمانة والوَدَاعَة والعِفّة(غلاطية5: 22-23). ألا تفتكر أن صفات مِثل هذه يشتاق قلبُكَ إليها؟ الحياة الروحية الطاهرة هي مُنيَتكَ التي تبحث عنها. ويقصد إله السلام والرحمة أن يغيّرك إلى ينبوع السلام في محيطك. فمن قد نال السلام الإلهي يقدر أن يُسلِمَه إلى الآخرين. ومن حصل على غفران خطاياه يستطيع أن يغفر إلى المذنبين إليه أيضاً. يشاء المسيح أن يَبُثْ سلامه إلى عائلتكَ ومدرستكَ ومكان عملكَ وإلى اجتماعاتِكَ. لا تصبح مشهوراً وعظيماً بهذه الخدمات الروحية لانّ إبن مريم يجعلك متواضعاً ووضيعاً كما كان هو سالكا بيننا. خدم المسيح الصالحين والأشرار فمن يتبعه لا يَصل إلى درجة السيد أو الرئيس بل يظلّ خادماً مثلما خدم المسيح الجميع.

 

يبارك الرسول بولس من يجتهد في سبيل السلام ويقول:

وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وأفكاركم في المسيح يسوع

(فيلبي4: 7).

 

هل تريد أن تتعمّق في سلام الله؟

إن كتبتَ إلينا نرسل لك إنجيل المسيح مع التأملات و الصلوات تساعدك على الثبات في سلام الله. وتجد أسئلة للآيات و تفسيرها. وإن أجبت عليها بصواب تنل كتباً أخرى بَناءة لحياتك الروحية.

 

وزع بشرى السلام في محيطك

إن أثر فيك هذا المنشور وتريد أن تقدمه إلى من لا يعرف سلام الله فأخبرنا عن العدد الذي تعزم على توزيعه عملياً فنرسل لك كمية محدودة.

 

قال المسيح لأتباعه: قد كلمتكم بهذا ليكون لكم فيَّ سلامٌ.

في العالم سيكون لكم ضيق، ولكن ثقوا: أنا قد غلبت العالم

(يوحنا16: 33).

 

الحياة الفضلى

ص ب 226- مزرعة يشوع - المتن - لبنان

E-mail: family@hayatfudla.org

www.hayatfudla.org