أعدّوا طريق الرب

إشعياء 40: 3

 

تتراكض الجماهير في حلبة هذه الحياة متسارعة مع الوقت، دون هدف، لتتمتع بالرفاهية، ولتحصل على قوْتها اليومي، غافلة عن الموت الذي يبتسم لها في آخر المطاف. نجد القلة القليلة من الناس الذين يفتكرون في الله، ويتقونه، ويحاولون قدر المستطاع حفظ فرائضه لينالوا الهدى والحق.

 

إن خالق الأكوان لا ينسى مخلوقاته، بل يحبهم ويفكر فيهم ويبحث عنهم ويتكلم معهم ليهبهم قوة من ملئه إن تابوا ورجعوا إليه.

 

الرب هو الآتي إلينا

 

بعدما أخطأ آدم وحواء وعصيا أمر الله، استحيا منه واختبأا عنه بعدما عرفا الشر الذي اقترفاه، غير أن الرب لم يعاملهما بالمثل، إذ أقبل إليهما وبحث عنهما، قائلا: "آدم أين أنت؟"( تكوين3: 9)  إن الخالق يبحث عن كل إنسان ويسأله: "أين أنت؟ وأين وصلت في حياتك"؟

 

دعا الرب إبراهيم من أور في بلاد الرافدين، من وسط المجتمع المشرك الفاسد، وجعل منه رحّالة مفتشا عن وطن أبدي طاهر. فهل أنت يا أخي أيضا تسعى باحثا عن سبل البر ّ وطالبا ً وطنا أبديا لك؟

 

كان يعقوب محتالا ذكيا، هرب إلى ارض بعيدة وتزوج فيها. بعد سنوات طويلة في الغربة، عاد إلى وطنه فاعترضه ملاك الرب حتى يقتص منه الذنب الذي اقترفه في الماضي. غير أن يعقوب آمن برحمة الرب العظيمة، فتشابك وتصارع مع القدوس مرددا: "لا أطلقك إن لم تباركني!"        (تكوين 32: 26)                     

 

هرب موسى من مصر إلى البرية، لأنه قتل أثناء غضبه رقيبا كان قاسيا على العبيد العبرانيين، ولكن الرب التقى به بعد أربعين سنة، إذ ظهر له في العُليقة الملتهبة، وأعلن له أنه الكائن الذي لا يتغيّر، وأنه سيبقى أمينا إلى الأبد. فهل وجدك الرب في حياتك القاحلة؟ وهل قلبك سمع نداءاته المتكررة لك؟ هل شعرت بأمانة الذي لا يتغير؟

 

كان صموئيل فتىً عندما دعاه الرب ليصبح قاضيا على أمته. لم يختر الله البالغين فحسب، بل أيضا الفتيان، فعلم الأولاد في محيطك كلمة الله وأرشدهم إليه بلغتهم الخاصة.

 

زنى داود، وأمر بقتل زوج المرأة، لكن الرب لم يتركه، بل أرسل إليه نبيا ليكشف له خطيئته، وليعلن له غضب الله عليه. تاب داود توبة نصوحة فابتدأ أن يهدي الخطاة ليتوبوا إلى ربهم. لقد وجد داود نعمة وغفرانا عند  ربه. اقرأ الزبور51 واحفظه، و صلّ آياته بإيمان، فتجد الراحة و الغفران مثل  داود.

 

أبصر إشعياء الكاهن قبسا من مجد الرب القدوس فصرخ :"ويلٌ لي! إني هلكت، لأني إنسان نجس الشفتين، وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين، لان عينيَّ قد رأتا الملك ربّ الجنود"      (إشعياء6: 5).

لقد صرخ لأن نور الرب ظهر وكشف له حالته وحالة الناس الذين يعيش في وسطهم، فهل تشتاق أن تتقرب من الله وترى مجده؟ فتعرف أنّ خطيئتك تفصلك عن القدوس، وينبغي أن تزول ذنوبك التي تمنعك من  التقرّب من الخالق القدوس. اسع جاهدا لتتصالح مع الله فورا ً.

 

أعدّوا طريق الرب

 

كل من يرغب في إرضاء الله، ينبغي أن يحفظ وصاياه، ومن أخطأ وعصى وصاياه عن غير قصد فليعترف بخطيئته ويستغفر ربه حسب وعده: "إن اعترفنا بخطايانا فهو أمين، وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل إثم"( 1يوحنا 1: 9) ومن كذب، فليتقدم إلى الذي كذب عليه ويعترف له بالحقيقة. ومن وجد في بيته شيئا ليس له فليقدم هذا طالبا من صاحبه السماح والعفو، ومن قام بعمل نجس مع  إنسان آخر فليعترف له بذنبه، طالبا منه أن يتوب أيضا ولا يخطئ مرة أخرى. ومن ظلم والديه فليطلب منهما الغفران ويساعدهما عمليا.

 

حقق يوحنا المعمدان وعد النبي إشعياء إذ كرر كلماته وهو عند نهر الاردن: "صوتُ صارخ في البرية: أعدّوا طريق الرب. قوّموا في القفر سبيلا لإلهنا. كل وطاءٍ يرتفع، وكل جبلٍ وأكمةٍ ينخفض، ويصير المعوج مستقيما والعراقيب سهلا. فيعلن مجد الرب ويراهُ كل بشر ٍ جميعا، لأن فم الرب تكلم"  (إشعياء40: 3-5؛  لوقا 3: 4-6).  كرز

المعمدان بوضوح أن ليس إنسانا صالحاً. جميعنا يستكبر فيليق بنا أن نتواضع. من يتألم ويئن من الضغط النفسي، فينبغي عليه أن يتلقى تشجيعا وحفزا لينتعش ويطمئن، ومن قام بأعمال ملتوية وخدع الآخرين فليجتنب التواءاته، ولينهج الاستقامة ويُعوّض الذين أساء إليهم.

 

تقف الآية العظيمة شامخة لمواجهتنا: " تحب الرب إلهك من  كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قوتكَ" (تثنية6: 5) ويتردد صداها: " تحب قريبك كنفسك" (لاويين19: 18). إن أردت أن تخدم الله فاحفظ هاتين الوصيتين، وأطلب من الرب أن يُريك كيف تعدّ الطريق له حتى يأتي إليك شخصيا.

 

الرب نفسه يُعدّ الطريق إليك

 

وُلد إبن مريم بطريقة عجيبة، لان روح الله صار إنسانا. أتى المسيح إلى الخطاة الفاسدين وحقق محبته لهم، وشفى، وأبرأ كل المرضى الآتين إليه، وحرر بسلطانه المجانين من أبالستهم. غير أن الأغلبية من أمته لم تدرك أن جوهر مجده الإلهي يكمن في المحبة الطاهرة الخالصة.

 

يفتح الرب الحنون قلبه لجميع الذين يُعدّون له الطريق لمجيئه إليهم. لذاك رفع ابن مريم خطيئة العالم وكفرعنا، وطهرنا من كل إثم، وبرّرنا مجانا. فينبغي أن نشكره ونحبه، لأنه فتح لنا الطريق لذاته.

 

إن مجيء المسيح إلى عالمنا هو المحور السري الذي يدور حوله تاريخ البشر، ففيه أتى الله إلى عالمنا حتى يستطيع العالم أن يرجع إليه.

إن الله هو التوّاب لنتوب نحن إليه. فمن يفهم هذا السرّ يتزكى، ومن يعمله يصبح حكيما.

 

الله يأتي اليوم إليك

 

قام المسيح من بين الأموات لأنه غلب الموت، وصعد إلى السماء، ويعيش الآن مع الله القدوس، ويشتاق إلى أتباعه الذين يحبهم. يعرف ضعفاتهم وآمالهم، لذاك أرسل روحه القدوس إليهم. فيأتي الله إلينا مرة أخرى من خلال الروح القدس، لأنه يريد أن يسكن في أتباع المسيح.

 

هل فتحت قلبك لروح المسيح؟ إنه يريد أن يغيّرك ويجعل منك إنسانَ المحبة، فيحل فيكَ سلامهُ وفرحه، صبره ووداعته (متى11: 29؛غلاطية5: 22-23). الرب يقرع على باب قلبك. هل تفتح له فؤادك؟ لا تغلق نفسك أمامه، بل أعدّ طريق الرب إليك.

 

 

قومي استنيري

 لانه قد جاء نورك

ومجد الرب أشرق عليك.

لأنه ها هي ظلمة تغطي الأرض

 والظلام الدامس الأمم.

أمّا عليك فيُشرق الرب،

ومجده عليك يُرى.

(إشعياء60: 1-2)

 

الله يأتي إلى الجميع

 

ترشد محبة المسيح المولودين من روحه، أن يقدموا بشرىَ الإنجيل إلى أصدقائهم وأقربائهم ويخبروهم أنّ الله يرغب أن يأتي إليهم أيضا. فلا تدُرْ حَول نفسك، بل انطلق مع المسيح وابحث عن الضّالين.

 

إن لم تعرف كيف تخدم الرب، فاطلب منه الإرشاد والهدى، سوف يعلمك كيف تصل للآخرين وتقدم لهم خدمات خيرية و تحسن للمحتاجين. ويرشدك الرب أن تفتح فمك وتخبر من يريد أن يسمع عن المسيح وعن إيمانك في محبة الله وقداسته. الرب يقويك ويرافقك ويحميك. سلم مِقوَد حياتك له فتمتلئ بالبركات، ويرتب لك الرب لقاءات عجيبة. نحن مستعدون ان نرسل لك منشورات مثل هذه، حتى نساعدك في خدمتك إن طلبتها منا.

 

تعمق في أسرار مجيء المسيح

إن أردت أن تعرف أكثر عن مجيء الرب إلى الأفراد في الماضي والحاضر والمستقبل، فاكتب لنا لنرسل لك تفسيرا لإنجيل المسيح حسب البشير متى لتتقوى في الإيمان والمحبة والرجاء.

نحن في انتظار رسالتك، وإن كتبت لنا فلا تنسَ أن تدوّن عنوانك الكامل حتى تصلك خطاباتنا.

 

الحياة الفضلى

ص ب 226- مزرعة يشوع - المتن - لبنان

E-mail: family@hayatfudla.org

www.hayatfudla.org